كتب التقرير فريق وكالة أسوشيتد برس أن المجاعة امتدت إلى منطقتين جديدتين في السودان الغارق في الحرب، إحداهما مدينة رئيسية في دارفور تشهد فوضى واقتتالاً عنيفًا بين القوات الحكومية وقوات الدعم السريع، في حين يصنّف خبراء الغذاء الأزمة بأنها الأشدّ عالميًا هذا العام.
وذكرت الوكالة الأمريكية أن منظمة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC)، وهي الجهة الدولية المعنية برصد أزمات الجوع، أعلنت رصد المجاعة في مدينتي الفاشر بدارفور وكادوقلي في جنوب كردفان، بينما تواجه عشرون منطقة أخرى في الإقليمين خطر الانزلاق إلى المجاعة الكاملة خلال الأسابيع المقبلة.
فرضت قوات الدعم السريع حصارًا على الفاشر طوال ثمانية عشر شهرًا، ما قطع إمدادات الغذاء والدواء عن عشرات الآلاف من السكان. الأسبوع الماضي، سيطر مقاتلو الدعم السريع على المدينة وشنّوا هجمات أوقعت مئات القتلى، لكن ضعف الاتصالات حال دون تحديد حجم الكارثة. في كادوقلي، يتكرر المشهد ذاته: حصار خانق، نقص في الإمدادات، وسكان محاصرون في انتظار موت بطيء.
اندلعت الحرب في السودان في أبريل 2023 ومزّقت البلاد على نحو غير مسبوق. تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى مقتل أكثر من أربعين ألف شخص، بينما تؤكد منظمات الإغاثة أن الأعداد الحقيقية قد تتجاوز ذلك بكثير. أدت المعارك والنزوح إلى تشريد أكثر من أربعة عشر مليون إنسان، وانتشار الأمراض والمجاعة في معظم أنحاء البلاد.
أوضح تقرير التصنيف المتكامل أن الفاشر وكادوقلي تشهدان "انهيارًا تامًا في سبل العيش، ومعدلات مرتفعة من سوء التغذية، ووفيات متزايدة بسبب الجوع". تعتمد المنظمة في إعلان المجاعة على ثلاثة مؤشرات: أن يعاني واحد من كل خمسة أشخاص من انعدام حاد في الأمن الغذائي، وأن تصل وفيات سوء التغذية إلى شخصين يوميًا لكل عشرة آلاف، وأن تتجاوز معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون الخامسة 30%.
يُعدّ إعلان المجاعة حدثًا نادرًا؛ إذ أكدت المنظمة حالات قليلة فقط خلال العقدين الماضيين، منها في شمال غزة مطلع هذا العام أثناء الحرب الإسرائيلية، وفي الصومال عام 2011، وجنوب السودان في 2017 و2020. وكان السودان قد شهد بالفعل خمس مناطق مصنّفة كمناطق مجاعة، أبرزها مخيمات اللاجئين قرب الفاشر التي فرّ معظم سكانها إلى المدينة أو إلى بلدات مجاورة بعد تقدم قوات الدعم السريع.
يحذر التقرير من أن البلدات القريبة من الفاشر — مثل طويلة وملّيط وتويشة — تواجه خطر الانهيار الغذائي الكامل، مع ازدياد تدفق النازحين إليها. تشير التقديرات إلى أن نحو 375 ألف شخص يعيشون الآن في ظروف مجاعة فعلية في ولايات دارفور وكردفان، فيما يواجه 6.3 ملايين سوداني مستويات حادة من الجوع.
منذ أن استعادت القوات المسلحة السودانية العاصمة الخرطوم هذا العام، ركّزت قوات الدعم السريع عملياتها في الغرب للسيطرة على دارفور وكردفان وتأمين خطوط الإمداد نحو وسط البلاد. في سبتمبر، أعلنت منظمة "أنقذوا الأطفال" أن الغذاء نفد تمامًا من كادوقلي وأن القتال اشتدّ، بينما تشهد مدينة الدلنج المجاورة أوضاعًا مشابهة، لكن نقص البيانات حال دون تصنيفها رسميًا كمناطق مجاعة.
على مستوى البلاد، أشار التقرير إلى أن أكثر من 21 مليون سوداني — أي نحو 45% من السكان — يعيشون حالة انعدام حاد في الأمن الغذائي حتى سبتمبر الماضي. رغم ذلك، انخفضت النسبة قليلًا مقارنة بالفترة بين ديسمبر 2024 ومايو 2025، بفضل تراجع القتال مؤقتًا وتحسّن الوصول الإنساني في الخرطوم وجزيرة وسنار بعد استعادة الجيش السيطرة على هذه المناطق وعودة أكثر من مليون نازح إلى منازلهم.
يخلص تقرير التصنيف المتكامل إلى أن وقف إطلاق النار هو "الإجراء الوحيد القادر على إنقاذ الأرواح وكبح تفاقم الجوع وسوء التغذية". فالمجاعة، كما يوضح التقرير، ليست كارثة طبيعية بقدر ما هي نتيجة مباشرة للحرب، والحصار، وانهيار مؤسسات الدولة. وبينما يواصل العالم مراقبة الأرقام، يواجه مئات الآلاف من السودانيين خطر الموت جوعًا في صمت يثقل ضمير البشرية.
https://www.npr.org/2025/11/03/g-s1-96318/famine-spreads-to-two-more-areas-in-sudan-global-hunger-authority-says

